Translate

الأحد، 21 يونيو 2015

تقرير لجنة تقصي الحقائق عن أسباب الغزو العراقي لدولة الكويت


الفصل التشريعي السابع دور الانعقاد العادي الثالث
الأمانة العامة
إدارة اللجان
لجنة تقصي الحقائق عن موضوع الغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت
الرقم
التاريخ: 19 ربيع الأول 1416هـ
الموافق: 16 أغسطس 1995م
السيد/ رئيس مجلس الأمة المحترم
تحية طيبة وبعد،،،
يسرني أن أقدم لكم التقرير الختامي للجنة، برجاء عرضه على المجلس الموقر لاتخاذ ما يراه مناسباً بصدده مع توصية اللجنة بمناقشته في بداية دور الانعقاد القادم

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام ،،،
رئيس اللجنة
صالح يوسف الفضالة

التقرير الختامي للجنة تقصي الحقائق عن موضوع الغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت


أحال السيد رئيس مجلس الأمة إلى اللجنة الكتاب المؤرخ 22/11/1992م المقدم من بعض الأخوة الأعضاء الذي تضمن انه نظراً للظروف العصيبة التي مرت بها البلاد منذ الثاني من أغسطس 1990م وما صاحبها من آثار وما خلفته من انعكاسات سلبية واضحة الأثر على المجتمع الكويتي ، وما رافقها من دماء للشهداء الذين سقطوا دفاعا عن الوطن وكرامته ، وجموع من أبنائنا الذين لازالوا يقبعون في سجون الطاغية، ونظرا لاستمرار هذه الآثار السلبية على اقتصادنا الوطني وقيمنا الاجتماعية والنفسية . 
وحرصا من هؤلاء الأخوة الأعضاء على الوقوف على الأسباب الكفيلة لمواجهة جميع تلك الآثار بأسلوب علمي وعقلي متزن ، بعيدا عن حالة الانفعال ، وإيمانا منهم بضرورة الاستفادة من التاريخ ودروس وعبر تلك المحنة الطاحنة التي مرت بالبلاد ، وبما يحقق النجاح في تفادي أزمات مماثلة في المستقبل ، ورغبة منهم في معرفة مواطن القصور وأسباب الخلل ، وكشفا للحقائق التي صاحبت هذه الأزمة وإعمالا لنص المادة 112 من الدستور ، فإنهم يقترحون مناقشة موضوع كارثة الغزو العراقي الغاشم للبلاد وملابساته والظروف التي صاحبته منذ الثاني من أغسطس 1990م وما ترتب عليه من آثار 
كما أحال السيد رئيس مجلس الأمة إلى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بذات التاريخ المشار إليه الطلب المقدم من بعض الأخوة الأعضاء الذي تضمن أن الشعب الكويتي قد عانى من معاناة مريرة من جراء محنة الاحتلال التي دامت سبعة أشهر طوال ، فقد خلالها الكثير من الأرواح والأموال واستبيحت فيها الأعراض ، وعانى أشد المعاناة من انهيار جميع المؤسسات الدفاعية والأمنية وتدمير معظم المؤسسات الأخرى في البلاد ، واستناداً إلى المادة 114 من الدستور ، والمادة 147 من اللائحة الداخلية، فإنهم يقترحون ما يأتي : تشكيل لجنة مكونة من سبعة أعضاء ولمدة عام واحد للتحقيق في موضوع الغزو والاحتلال العراقي على أن يتناول التحقيق على وجه الخصوص : 
1- الأسباب التي أدت إلى كارثة الثاني من أغسطس 1990م
 2- تحديد مواطن الخلل في مختلف الأجهزة السياسية والعسكرية
 3- حقيقة الإجراءات التي تم اتخاذها صبيحة ذلك اليوم إزاء الهجوم العراقي على الكويت
4- استظهار وجه القصور و مواطن المسؤولية عن أحداث الثاني من أغسطس 1990م
5- الخطوات الوقائية التي تم اتخاذها بعد التحرير لتفادي تكرار مثل هذه الكارثة .

وهم إذ يتقدمون بهذا الطلب يأملون باستجابة المجلس الموقر وموافقته على هذا الاقتراح لمصلحة الوطن المجردة، وحتى نضع أمام أعيننا تجارب الشعوب الحية التي تستفيد من الكوارث التي تحل بها ، وتتعلم الدروس المفيدة من التجارب السيئة التي تمر بها .
وبجلسته بتاريخ 1/12/1992م وافق مجلس الأمة على التقرير السادس للجنة الشؤون التشريعية والقانونية (في دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي السابع) عن تقديم تصور متكامل حول موضوع جلسات المناقشة والتحقيق في كارثة الغزو العراقي الغاشم ، كما وافق على مشروع القرار الذي أعدته اللجنة بتكوين لجنة تقصي حقائق في موضوع الغزو العراقي الغاشم .
و تنص المادة الثانية من هذا القرار على أن «تشكل لجنة مؤقتة لتقصي الحقائق في موضوع الغزو العراقي الآثم من تسعة أعضاء طبقاً لنص المادة 44 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة ويتم انتخابهم وفقاً لأحكام المادة 45 من هذه اللائحة». كما تنص المادة الثالثة منه على أن «تتولى اللجنة المشار إليها في المادة السابقة تقصي الحقائق في موضوع الغزو العراقي الآثم للوقوف على :

1- كيفية نشوء الأزمة والجهود التي اتخذت للحيلولة دون وقوعها ودون تفاقمها والإجراءات والاحتياطات والخطط التي اتخذت لمواجهتها في حالة تطورها إلى صراع مسلح ومستوى أداء كافة الأجهزة التنفيذية العسكرية منها والمدنية عند حدوث الغزو الآثم وما بذل لرده أو للحد من آثاره على المستويين الحكومي والشعبي
2- كيفية إدارة الأزمة إبان الاحتلال من النواحي السياسية والعسكرية والإعلامية والاقتصادية والاجتماعية والإجراءات التي اتخذت لرعاية المواطنين داخل الكويت وخارجها والإجراءات التي اتخذت لحماية الاقتصاد الوطني
3- كيفية إدارة الأزمة بعد التحرير من حيث الإفراج عن الأسرى والرهائن والجهود والأموال التي بذلت من أجل إعادة الأعمار وما قامت به الدولة من أجل استعادة ممتلكاتها وحماية حقوق مواطنيها ومن أجل استتباب الأمن في ربوع البلاد وحماية أمنها من أي عدوان
4- غير ذلك من أمور ترى اللجنة ضرورة التقصي عنها للقيام بمهامها على الوجه الأكمل

وبجلسة 8/12/1992م أجريت عملية انتخاب أعضاء اللجنة وأسفرت عن تشكيلها على الوجه التالي :

1- صالح يوسف الفضالة رئيسا
2- أحمد يعقوب باقر مقررا 
3-  د. إسماعيل خضر الشطي عضوا
 4- د. يعقوب محمد حياتي عضوا
 5- فهد دهيسان الميع عضوا
 6- طلال مبارك العيار عضوا
 7- محمد ضيف الله شرار عضوا
8- خالد سالم العدوة عضوا
 9- عبدالله محمد النيباري عضوا

وقد انضم كل من العضوين : مبارك فهد الدويلة ، خلف دميثير العنزي الى اللجنة بعد استقالة العضوين : د. إسماعيل خضر الشطي ، طلال مبارك العيار على التوالي بتاريخ 16/11/1993 ، 30/11/1993م .
وقد باشرت اللجنة مهامها خلال الفترة من 10/12/1992م إلى 14/8/1995م عقدت خلالها عدد 96 جلسة ، تمثل عدد 226.25 ساعة عمل ، وتناولت الموضوعات المكلفة بتقصي الحقيقة فيها من ثلاثة جوانب : 
1- الجانب السياسي
2- الجانب العسكري
3- الجانب المالي

الجانب السياسي
تدارست اللجنة الوثائق السياسية المتعلقة بالغزو العراقي ، التي قدمتها وزارة الخارجية ، كما استمعت إلى كل من له صلة بأحداث الغزو من مسؤلين وغير مسئولين بالإضافة إلى استشارتها للمستشارين السياسيين في المجلس .

أولاً : هل كان العدوان العراقي متوقعاً ؟
هل كان بإمكان القيادة السياسية الكويتية توقع العدوان العراقي في ضوء المعطيات التالية  
1- عبارات التهديد المباشرة وغير المباشرة التي تضمنتها الخطب والرسائل والبيانات الصادرة عن النظام العراقي خلال الأشهر القليلة التي سبقت الغزو مباشرة ، وعلى وجه التحديد منذ انعقاد مؤتمر قمة بغداد في أواخر شهر مايو 1990م ، وحتى مؤتمر جدة في أواخر شهر يوليو 1990م
2- المعلومات التي نقلها إلى المسئولين في الكويت سفير الكويت لدى العراق ، وبعض المواطنين الذين زاروا بغداد خلال شهر يوليو 1990م

3- مجمل العلاقات الكويتية العراقية 
أ- التهديدات
1- يمكن القول بان النوايا العدوانية للعراق تجاه الكويت ، ظهرت بصورة واضحة منذ قمة بغداد الاستثنائية (28 إلى 31 مايو 1990م فبدت التلميحات في كلمة صدام حسين في الجلسة المغلقة التي انعقدت بتاريخ 30/5/1990م إذ ذكر :
( انه فمنذ عام 1986م... إن نوعا من الإرباك ساد السوق النفطي ، وحصل فيه نوع من عدم الالتزام في قرارات الأوبك ... إن سبب هذا الارتباك هو عدم التزام بعض أشقائنا العرب بالذات في مقررات الأوبك عندما أغرق السوق النفطي بما هو فائض عن الحاجة .. ولو في الجلد ما فيه يحتمل لتحملنا ... ولكنني أقول بأننا وصلنا إلى حال لا نتحمل الضغط .
إن المعركة تدار بالجنود ... إلا إن الضرر الأكبر يأتي من الانفجارات والقتل ومحاولات الانقلاب ، وقد يكون أيضاً بالوسائل الاقتصادية .. إنني أقول لمن لا يريد أن يشن حربا على العراق هذه هي نوع من الحرب على العراق )  
وقد ذكر السيد راشد عبدالعزيز الراشد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء آنذاك ، أمام اللجنة ، أنه من خلال مشاركته في قمة بغداد في شهر مايو 1990م ، شعر أن هناك فعلاً مؤامرة تحاك ضد الكويت وسائر الدول الخليجية ، وأن هناك تجنيا على دولة الكويت بالذات .
وأضاف انه لم يكتب بذلك إلى المسؤولين في الكويت ، باعتبار أن أصحاب الاختصاص كانوا من المشاركين في اجتماعات القمة ، ومن بينهم وزير الخارجية الكويتي ، أما هو فقد شارك فيها بصفته وزيراً للدولة لشؤون مجلس الوزراء 
2- وظهرت عبارات التحدي واضحة في الرسالة التي وجهها طارق حنا عزيز وزير خارجية العراق إلى السيد الشاذلي القليبي الأمين العام لجامعة الدول العربية بتاريخ 15/7/1990م ، فبعد أن اتهم الكويت بالزحف التدريجي المبرمج باتجاه أرض العراق ، وأنها نفذت بالاشتراك مع دولة الإمارات العربية المتحدة عملية مدبرة لإغراق سوق النفط بمزيد من الإنتاج خارج حصتها المقررة في الأوبك ، مما أدى إلى تدهور أسعار النفط و أنها نصبت منذ عام 1980م منشآت نفطية على الجزء الجنوبي من حقل الرميلة العراقي وصارت تسحب النفط منه ، وبعد ذلك تضيف الرسالة: إننا ندين ما فعلته حكومتا الكويت والإمارات بالعدوان المباشر على العراق .... أما بالنسبة لحكومة الكويت فإن اعتداءها على العراق هو اعتداء مزدوج، فمن ناحية تعتدي عليه وعلى حقوقه بالتجاوز على أراضينا وحقولنا النفطية وسرقة ثروتنا الوطنية وان مثل هذا التصرف هو بمثابة عدوان عسكري، ومن ناحية أخرى تتعمد حكومة الكويت تحقيق انهيار في الاقتصاد العراقي في هذا المرحلة التي يتعرض فيها إلى التهديد الامبريالي الصهيوني الشرس وهو عدوان لا يقل في تأثيره عن العدوان العسكري
وفي هذه الأثناء حضر طارق عزيز وزير خارجية العراق إلى القاهرة في 16/7/1990م ، لتمثيل بلاده في اجتماع وزراء خارجية دول الجامعة العربية والقي كلمته التي قال فيها (إن بلادنا لن تركع أمامكم ، ونساء العراق لن يتحولن إلى بائعات هوى ، وأطفالنا لن يحرموا من الحليب) 
3- قبل أن ترد دولة الكويت على هذه الرسالة ، أعلن صدام حسين في 17/7/1990م أن السياسة التي يتبعها بعض الحكام العرب هي سياسة أميركية... «إن هذه السياسة خطيرة إلى الحد الذي لا يمكن السكوت عليها، ولقد الحقت بنا ضررا جسيماً ... ولأن العراقيين الذين أصابهم هذا الظلم المتعمد مؤمنون بما فيه الكفاية بحق الدفاع عن حقوقهم وعن النفس، فإنهم لن ينسوا القول المأثور (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق) 
وإذا ما عجز الكلام عن أن يقدمه لأهله ما يحميهم فلا بد من فعل مؤثر يعيد الأمور إلى مجاريها الطبيعية ويعيد الحقوق المغتصبة إلى أهلها ... ولكن أصحاب السوء هم وحدهم الذين يتحملون أمام الله وأمام الأمة نتائج سيئاتهم ... فهم بدلا من أن يكافئوا العراق ... غرزوا الخنجر المسموم في الظهر .... اللهم ألهمنا الصبر إلى الحد الذي ليس أمام الصابرين غير ما تعتبره مشروعا وصحيحا ، يوم يفقد الصبر قدرة التأثير ، واللهم اقتل بذور الشر داخل نفوس حامليها ... اللهم اشهد إنني قد بلغت) 
4- رد وزير خارجية الكويت على الرسالة العراقية بكتاب مؤرخ 18/7/1990م إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية ، فند فيه الادعاءات العراقية وأوضح أن جزءا من حقل (الرميلة/ الرتقة) يقع ضمن الأراضي الكويتية وعليه قامت الكويت باستخراج النفط من آبار تقع ضمن أراضيها جنوب خط الجامعة العربية وعلى مسافة كافية من الحدود الدولية وفقا للمقاييس العالمية ، وان تدهور الأسعار كان بفعل مشكلة عالمية تدخل فيها أطراف عديدة منتجون ومستهلكون ومن داخل الأوبك وخارجها ، واقترح اختيار لجنة عربية يتفق على أعضائها كي تقوم بالفصل في موضوع ترسيم الحدود على أسس المعاهدات والوثائق القائمة بين الكويت والعراق ، وفي 21/7/1990م بعثت حكومة الكويت إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة برسالة حول الموضوع تتضمن خلاصة المذكرة العراقية ورد الكويت عليها ، وذلك للإحاطة ودون أن تطلب اتخاذ أي إجراء معين ، أي أنها لم تحاول تدويل القضية وأثرت الإبقاء عليها داخل الإطار العربي ، وإحاطة الأمم المتحدة بما تضمنته المذكرة العراقية تمشيا مع الأعراف والممارسات الدولية المعتادة في هذا الشأن ، ومن واقع التزام الكويت بمبادئ وأحكام ميثاق الأمم المتحدة.
5- في 19/7/1990م اصدر المجلس الوطني العراقي بيانا دعا فيه ممثلي الشعب العربي وبرلمانات الأمة العربية ليأخذوا دورهم الكامل فيما اسماه إعلاء كلمة الأمة واجتثاث كل المواقف الضعيفة من بعض الحكام الخليجيين الذين دخلوا اللعبة المؤذية للعراق وللأمة العربية .
6- في 21/7/1990م رد العراق على مذكرة الحكومة الكويتية المؤرخة 18/7/1990م  وأعاد في هذا الرد المزاعم العراقية التي وردت في الرسالة المؤرخة 15/7/1990م هذا بجانب عبارات التهديد غير المباشرة : إن المسؤولين في الحكومة الكويتية .. يندهشون اليوم ... لأنهم اعتادوا على استغلال سكوتنا وصبرنا طيلة سنوات وسنوات ، ونحن نكتم الجرح حرصا منا على الحفاظ على علاقات الأخوة التي لم يحترموها وعلى المصالح القومية العليا التي استهزؤوا بها عمدا .
غير أن المسؤولين في حكومة الكويت هم الذين اساؤوا إلى هذه المبادئ عندما تعمدوا بأسلوب مخطط ومبرمج وطيلة سنوات الحرب (العراقية الإيرانية) وبعدها إلحاق الأذى بالعراق والتجاوز على أرضه وحقوقه .. ويؤكد ما أثبتناه .. في رسالتنا في 15/7 من أن السياسة التي اتبعتها حكومة الكويت إنما كانت سياسة أميركية هو التصريحات الأميركية الأخيرة التي تقول بصراحة إن باستطاعة حكومة الكويت أن تستظل بالقوة الأميركية ، وهذا تشجيع لا لبس فيه لحكومة الكويت لكي تمضي في سياستها التي تتعمد العدوان على العراق والأمة العربية . 
7- بتاريخ 24/7/1990م أعلن العراق رفضه لاقتراح الكويت تشكيل لجنة في إطار جامعة الدول العربي للفصل في موضوع ترسيم الحدود ، وقال وزير خارجية العراق إن الخلافات على الحدود بين الدول العربية تحلها الدول المعنية ذاتها وليس اللجان المشكلة من الدول العربية .

ب–  التحذيرات 
1- ذكر خالد البحوه سفير دولة الكويت السابق لدى العراق انه كانت التصرفات كلها تدل على أن هناك توجه للعملية العسكرية عندما التقطنا بعض الكلمات من خطاب صدام في يوم 17/7 وكان التهديد واضحا ، شعرت أن الرجل مقدم على فعل وليس قول، واعتقد لست بهذا الذكاء الشاذ ، لان الكثيرين من المراقبين شاركوني في هذا الرأي والمراقبين الدبلوماسيين بالذات الذين كنت على علاقة مباشرة معهم .
ثم منطوق المذكرات العراقية التي وجهت للجامعة العربية، روح المذكرة وكلماتها إذا أضيفت إلى خطابه الذي ألقاه ، ثم عملية رصد التحرك العسكري على مناطق جنوب العراق باتجاه حدودنا ، كانت المعلومات تكاد تكون شبه معلنه بالنسبة للمراقبين في الساحة داخل العراق في تحرك القوات ونقلها من الشمال للجنوب وتكثيفها ثم عملية الدعم اللوجستيكي الضخم جداً للجيش العراقي في هذه المنطقة التي خرجت عن دائرة المناورات .
لكن المؤشرات التي تركت انطباعا شخصيا عندي كمراقب بان هناك عملية عسكرية.. وكانت الدبابات على خط سكة الحديد النازلة من الشمال إلى الجنوب وترى بالعين المجردة ولا تريد عملية استنتاج ، عندما يكون هذا الزخم العسكري للتحرك نحو الجنوب في تلك الأجواء السياسية المتفجرة إعلاميا لابد أن تكون المحصلة في ذهن الإنسان أن النتيجة عملية عسكرية رغم قوله إنها مناورات ، هذه العمليات العسكرية بهذا الحجم لم تكن واردة مطلقا ، لكن كان في حقيقة تقول أنهم سيقومون بعملية عسكرية داخل الحدود الكويتية بمعنى أن يصلوا إلى اختراق الحدود وتجري المفاوضات بعد دخول القوات العراقية للأراضي وعندما سئل (أكدوا لك الاميركان في عمل عسكري، فهل قمت بتبليغ هذا التأكيد، هل وجهت برقية بذلك، وفي البرقيات كان تأكيد إن العراق مقدم على عمل عسكري ، أجاب : أنا لم استدع ولم يطلب مني الحضور للكويت، ونعم في برقياتي أكدت على العمل العسكري وخاصة في آخر برقية التي نقلتها عن السفيرة الأميركية جلاسبي ان هناك عملا عسكريا وعندما سئل (آخر اتصال لك مع القيادة السياسية، الخارجية الكويتية، متى؟) أجاب : آخر برقية يوم الأربعاء، معلومات وردت عن زيادة التحرك العسكري، وكثير من الإشاعات التي كانت تتردد في الأوساط الدبلوماسية عن احتمالات الضربة العسكرية، وكنت أعقب على ربط الموضوع من برقياتي السابقة كتأكيد لما أثارته مثل الأميركية أو ما وصلهم سابقاً من المصادر، كنت اربط الموضوع دعم تصعيد في عملية الإحساس باقتراب العملية العسكرية كان يوم الأربعاء ظهرا . 
كما جاء في أقواله : ثم بعد التأكد بعثنا بالبرقيات للوزارة حول التحرك العسكري في اتجاه الجنوب في اليوم الفلاني تمرصد القطار الساعة كذا آخر برقية بعثتها يوم الاثنين (وهو 28/7) حول العملية العسكرية ، هي السفيرة قابلت صدام يوم 25 يوم الجمعة، السبت حاولت أشوفها ما قدرت كان في اتصال تليفوني معها، وقالت لي أنا أمر عليك بالبيت وجاءتني يوم الأحد . 
2- في منتصف شهر يوليو 1990م زار بغداد عدد من رجالات الكويت بدعوة من وزير الإعلام العراقي للمشاركة في عيد الثورة وكان من بينهم السادة /فيصل بندر الدويش، مشاري العصيمي ، أحمد بزيع الياسين ، وقد أفاد السيد/ فيصل الدويش أمام اللجنة أنه في لقاء مع وزير الإعلام العراقي ذكر هذا الأخير : يؤسفنا إخوتي الكويتيين ندخل في حرب مع الكويت .. والحرب هذه ليست موجهة لكم يا الشعب الكويتي بقدر ما هي موجهة إلى الحكومة الاستعمارية عندكم ، واستخدم الوزير العراقي عبارات تكاد تتفق مع عبارات مذكرة العراق المؤرخة 15/7/1990م الموجهة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية : 
والكويت مع الأسف نتيجة انشغالنا في الحرب زحفت علينا زحفا مبرمجا واحتلت جزءا من أراضينا وأقامت منشآت نفطية وزراعية وعسكرية، ويضيف السيد/ فيصل الدويش انه فور عودته من بغداد، وفي يوم الجمعة الموافق 20/7/1990م، اتصل به الشيخ ناصر محمد الأحمد وزير الدولة للشؤون الخارجية آنذاك، وذهب فيصل الدويش لمقابلته في منزله في نفس اليوم الساعة السابعة مساءً، وابلغه بما سمعه في بغداد، وفي يوم السبت 21/7/1990م نقل هذه الأخبار إلى سمو الأمير بحضور الشيخ صباح الأحمد وزير الخارجية ، كما نقلها في اليوم ذاته إلى سمو الشيخ سعد ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء بحضور الشيخ سالم وزير الداخلية ، وكان مما قاله فيصل الدويش في هذه اللقاءات عن تقييمه للوضع : 
والله تقييمي طال عمرك احتمالين ، الاحتمال الاول ... من الأرض ما استطاع لأنه شخص ما له خط رجعه لكم ، والاحتمال الثاني وعندي الاحتمال الأول أرجح ابتزاز ، لكن طال عمرك الوضع في منتهى الخطورة ، وأنا أفضل انك تستعين بأصدقائك ما استطعت .. والكويت ترى إذا عرف صدام انها ما هي بلقمة سايغة يبي يحسب ألف حساب ، كما ذكر جزءا من حديثه مع الشيخ صباح الأحمد وزير الخارجية في يوم الأربعاء 1/8/1990م : يا صباح، البلد سوف يضيع، قال لي ليه؟ قلت.... يا طويل العمر على حدودك حسب وكالة الانباء واللي جايين ما بين 35 ومائة الف عسكري يتأهبون لدخول البلد، وكان رد وزير الخارجية : ما فيه أمر مقلق.

ويظهر كذلك من التحقيق أن السفارة الكويتية لدى العراق ، استدعت السيد/ عدنان الراشد عضو جمعية الصحافيين الكويتية، والذي كان مرافقا للمواطنين الكويتيين إلى بغداد ، وحصلت منه على جميع المعلومات التي تدور حول الموقف العدائي للعراق تجاه الكويت في هذه الفترة ، وأن السفارة نقلت بدورها هذه المعلومات إلى الشيخ ناصر محمد الأحمد وزير الدولة للشؤون الخارجية ، وتم ذلك قبل عودتهم إلى الكويت .

كما أفاد السيد/ مشاري العصيمي انه عند عودته إلى الكويت (وكان من بين من سافر إلى بغداد) نقل هذه الأنباء إلى سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، وكان مما ذكره له ان: هذه التهديدات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لسبب رئيسي إلى أن الوضع الاقتصادي في العراق سيئ جدا .ً 
كما أفاد السيد/ أحمد البزيع انه فور عودته إلى الكويت ، سعي إلى لقاء سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء ، ونقل إليه تلك الأنباء وقال له : ((( أنا علمتك والواحد برأ ذمته ))) لذلك فإنه من المؤكد أن التهديدات العراقية التي سمعها الكويتيون في بغداد في منتصف يوليو 1990م قد نقلها كل من : فيصل بندر الدويش ، مشاري العصيمي ، أحمد بزيع الياسين كاملة إلى المسؤولين في الحكومة ، وذلك فور عودتهم إلى الكويت ، هذا بالإضافة إلى المعلومات التي أدلى بها عدنان الراشد للسفارة الكويتية لدى العراق والتي نقلتها السفارة بدورها وفورا إلى المسؤولين في الكويت . 
3- أفاد السيد/عبدالرحمن سالم العتيقي  مستشار سمو الأمير ، انه خرج من الكويت يوم 22/6/1990م وانه عند التهديد الذي أعلنه صدام حسين في خطابه بتاريخ 17/7/1990م كان في الأردن، وعاد الى الكويت وقابل سمو الأمير، وعندما استفسر منه سموه بما عنده، أجاب : والله طويل العمر أنا أعتقد أن صدام جاي لنا ، الكلام ماله تهديد للكويت ، وأنا كمواطن عادي بغض النظر عن منصبي .. الخطاب واضح وصريح ، الرجل جاي  يقول قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق . 
4- أفاد الدكتور طارق رزوقي سفير الكويت في باريس إن المخابرات الفرنسية أخبرته في يوم الاثنين 30/7/1990م أن الحشود العراقية يزداد عددها وانه من المحتمل أن تقوم بعملية و انه لا يمكن تركها في مواقعها الحالية فإما أن تتحرك وترجع إلى الوراء وإما أن تتقدم إلى الأمام ، وأضاف السفير انه حضر إلى الكويت ونقل هذه المعلومات إلى سمو ولي العهد . 
5- كما ذكر سعود الصباح سفير الكويت السابق لدى الولايات المتحدة الأميركية : كنت على اتصال دائم مع وزارة الخارجية الأميركية ، مع وكالة الاستخبارات الأميركية ، مع البيت الأبيض ومع وزارة الدفاع حول هذه الأمور وأقولها بكل أمانه بأن جميع هذه الأجهزة كانوا يطلعوني أولاً بأول بكل ما يحدث من تصعيد ومن حشود عراقية على الحدود التي تلت تقديم هذه المذكرة، وكنت على اتصال دائم مع حكومتي في هذا الموضوع .
6- يضيف السيد/ عبدالله يوسف الغنيم الذي كان آنذاك وزيرا للتربية: وفي نفس الفترة يوليو 1990م توالت البرقيات من سفارات الكويت بالخارج وكان هناك إشارات لوجود حشود واحتمال قيام العراق بعمل عدواني ، كانت يومياً تصل التقارير من السفارات الكويتية في الخارج أولا بأول ، وكانت تقرأ كل رسالة تصل من أية سفارة في الخارج في مجلس الوزراء .
7- ذكر السيد/ سليمان ماجد الشاهين وكيل وزارة الخارجية انه: في آخر زيارة للشيخ صباح الأحمد وزير الخارجية لبغداد في 18 فبراير 1990م وأثناء غداء دعا إليه طارق عزيز ، كان بجانبه (أي بجانب وزير الخارجية الكويتي) سمير عبدالوهاب : وزير الداخلية العراقي ، وجرى الحديث حول موضوع الحدود ، فقال سمير عبدالوهاب : ما بيني وبين الكويت إلا كل خير ، لكن نأخذ على البكر أبو الجيش وأبو الثورة نأخذ عليه نقطة سوداء في تاريخه ... هو أن وقع معاكم اتفاقية .

مجمل العلاقات الكويتية العراقية :
يمكن القول إن مشكلة ترسيم الحدود هي التي كانت تحكم العلاقات بين الكويت والعراق ، وان تلكؤ العراق في إقرار هذه الحدود ، هو السبب الرئيسي في التوتر الذي كان يشوب ، من وقت إلى آخر العلاقات بين البلدين .. ولعل التصريحات التالية من قبل المسؤولين العراقيين توضح نظرة العراق إلى مشكلة الحدود :
تصريح للسيد/ مرتضي سعيد عبدالباقي ، وزير خارجية العراق في 1973م بان: كل الكويت أرض متنازع عليها، هناك وثيقة تقول إن الكويت أرض عراقية ، ولكن لا توجد هناك أي وثيقة تقول أنها ليست أرضا عراقية .. نحن لا نأخذهما (جزيرتي وربة وبوبيان) من الكويت ، ولكننا نتخلى عن الكويت من اجل الجزيرتين .
(راجع د. عبدالرضا علي اسيري، الكويت في السياسة الدولية المعاصرة، ص 140) .
2- ما ورد في مذكرة طارق عزيز نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية العراق إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية، بتاريخ 15/7/1990م الوطن العربي برغم انقسامه إلى دول هو وطن واحد ، و أن أي شبر من هذا الوطن هنا أو هناك ، في ارض هذا القطر أو ذاك يجب أن ينظر إليه أولا في ضوء الاعتبارات القومية ، وخاصة اعتبارات الأمن القومي العربي المشترك ، كما ينبغي تجنب الوقوع في مهاوي النظرة الضيفة والأنانية في التعامل مع المصالح والحقوق لهذا القطر أو ذلك إن مصالح الأمة العربية العليا والحسابات الإستراتيجية العليا للأمن القومي العربي يجب أن تكون حاضرة دائما كما يجب أن تكون المعيار الأول في التعامل في كل هذه المسائل بين الأقطار العربية .
3- ما جاء في مذكرة 21/7/1990م الموجهة من العراق إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية من أن وضع الحدود في الواقع وضع بلدين متجاورين تجمعهما أواصر القربى الوثيقة لم يتوصلا حتى الآن إلى أي اتفاق حول تحديد حدودهما في البر والبحر.
والمشكلة بين البلدين لم تكن في تحديد الحدود ، ولكن في ترسيم الحدود، أي في وضع الخط الحدودي على ارض الواقع، برا وبحرا .

1- تحديد الحدود :
في سنة 1931م تم التوقيع في لندن على اتفاقية بين كل من بريطانيا (الدولة الحامية للكويت آنذاك) والدولة العثمانية (حيث كان العراق تحت الحكم العثماني) ، وقد حددت المادة السابعة من هذه الاتفاقية خط الحدود بين الكويت والبصرة ، ولم تدخل هذه المعاهدة حيز التنفيذ بسبب قيام الحرب العالمية الأولى .

 في اواخر نوفمبر سنة 1922م وجه السير بيرسي كوكس المندوب السامي البريطاني في العراق الدعوة الى العراق والكويت ونجد لعقد مؤتمر في العقير، ومثل الكويت في هذا المؤتمر المعتمد البريطاني السير مور، وكان الموضوع الأساسي للمؤتمر تحديد الحدود بين الدول الثلاث، وقد وقعت الأطراف الثلاثة على اتفاقية العقير في 2/12/1922م وكانت حدود الكويت في هذه الاتفاقية هي تلك الحدود التي تم التوصل إليها في اتفاقية سنة 1913م .

 وفي الرسائل المتبادلة بين الكويت والعراق (21/7، 10/8/1932م) وأكد المسئولون العراقيون مسار الحدود بين العراق والكويت، وهي ذات الحدود المنصوص عليها في المادة السابعة من مسودة الاتفاقية البريطانية التركية سنة 1913م .

 وفي سنة 1936م وفي عهد الملك غازي صدر الدليل السنوي للعراق الذي احتوى على تفصيل دقيق للحدود بين العراق والكويت ، كما تضمن خرائط واضحة تمثل الكويت كدولة مستقلة ، ويظهر من هذا الدليل أن خط الحدود الجنوبية للعراق يبدأ من منتهى الساحل الجنوبي لناحية الفاو ثم يسير متعقبا الساحل حتى يقطع خور عبدالله .

وبدأت لأول مرة مطالبة العراق بالكويت عام 1937م، فقد بدأت في ذلك العام إذاعة موجهة من القصر الملكي في بغداد (قصور الزهور) تشن حملة دعائية عنيفة ضد الكويت، كما أوردت بعض الصحف العراقية نبأ عزم العراق على ضم الكويت ، وان الملك غازي اصدر أوامره بهذا الخصوص ، ويقال أن الجيش العراقي رفض تنفيذ الأوامر ، وانتهت تلك الأزمة بمقتل الملك غازي في عام 1939م  .

 وفي سنة 1961م بينما كانت الكويت تحتفل باستقلالها السياسي الذي بدأ رسميا في 19/6/1961م أعلن الرئيس العراقي عبدالكريم قاسم في مؤتمر صحافي في بغداد بتاريخ 25/6/1961م أن الكويت جزء من العراق ، وهدد باستخدام القوة ، وكان الجيش الكويتي آنذاك بسيطا لا يقاس من حيث عدده وعتاده بالجيش العراقي، لذلك ناشد حاكم الكويت (الشيخ عبدالله السالم) بريطانيا تنفيذ بنود معاهدة الصداقة المبرمة بين البلدين ، واستجابة لهذا الطلب، التزاما ببنود معاهدتها ووعودها للكويت ،
أعلنت الحكومة البريطانية في 30/6/1961م أنها في طريقها لاتخاذ بعض التدابير الوقائية، وبناء على ذلك تحركت عدة سفن بريطانية وحاملات القوات والطيران الجوي تجاه الكويت، وفي 1/7/1961م نزل 600 جندي بريطاني في الكويت، وانتشروا على طول الحدود مع العراق. وقد بلغ أقصى عدد للقوات البريطانية المرابطة في الكويت ما يقارب5000 جندي بالإضافة الى2000 جندي سعودي.

وبتاريخ1961/7/12م طلبت الكويت أن تستبدل بالقوات البريطانية قوات تابعة لجامعة الدول العربية التي تـــوافدت على الكويت خلال الفترة من1961/9/10م حتى1961/10/3م بينما أنهت القوات البريطانية انسحابهــا مـــن الكــويت في1961/10/10م عدا بعض المستشارين .
وفي 1961/10/4م (وبعد أن أطيح بعبد الكريم قاسم) وقعت الكويت والعراق على محضر اعترفت فيه العراق باستقلال الكويت وسيادتها التامة بحدودها المبينة بكتاب رئيس الوزراء العراقي بتاريخ1932/7/21م والذي وافق عليه حاكم الكويت بكتابه المؤرخ1932/8/10م كما تم تبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين على مستوى السفراء ، وانضمت الكويت إلى جامعة الدول العربية في سنة1961م ، والى هيئة الأمم المتحدة في سنة1963م .

1- ترسيم الحدود:
رغم تحديد الحدود بموجب الاتفاقيات المذكورة، فقد ظل ترسيم الحدود عالقا بين الدولتين، مع مطالبة العراق تارة بجزيرة وربة (1951م) وتارة بجزيرتي وربة وبوبيان(1952م) ، وتارة بجزيرة وربة ومنطقة ساحلية بعمق أربعة كيلومترات مقابل مد الكويت بالمياه العذبة من شط العرب (1954م) .
وفي1972/5/2م زار الكويت السيد مرتضى سعيد عبد الباقي وزير خارجية العراق آنذاك وأبدى استعداد بلاده للعمل من أجل حل مشكلة الحدود بشروط منها :
1-  التنسيق السياسي بين العراق والكويت بما يتعلق بقضايا الخليج .
2-  استخدام رأس المال الكويتي في العراق.
3- السماح بنقل الأيدي العاملة العراقية إلى الكويت بصورة مفتوحة وحرة .
4- تعاون دفاعي مشترك بين البلدين .
5- إيجاد مناطق إستراتيجية للعراق في الكويت.
وفي1973/3/20م كانت حادثة الصامتة، حيث قام العراق بشق طريق يمر خلف مركز الصامتة الكويتي ويبعد عنه حوالي150 الى200 متر، وخلال المفاوضات التي تبعت هذا الانتهاك الحدودي عرضت الحكومة العراقية أن تتنازل الكويت عن جزيرتي وربة وبوبيان ، وقوبل هذا العرض بالرفض من جانب الشيخ صباح الأحمد وزير الخارجية ورئيس الوفد الكويتي.
وكان من نتيجة هذا الموقف الثابت من جانب الكويت أن قامت القوات العراقية بهجوم على مركز الصامتة الحدودي وتوغلت مسافة ثلاثة أميال داخل الأراضي الكويتية وبدأ التحرك العربي والدولي لمساندة الكويت واحتواء الأزمة .
ومع قرب مغادرة بريطانيا منطقة الخليج العربي في نهاية الستينات ازدادت العلاقات العراقية الإيرانية سواء حول قضية شط العرب واستخدم العراق مزيجا من الإقناع والضغط على الكويت لوضع قواته في المناطق الكويتية كجزء من قوة عسكرية لحماية ميناء أم قصر من هجوم إيراني وشيك وخلال زيارة وزيري الداخلية والدفاع العراقيين للكويت في شهر ابريل سنة1969م إذن الكويتيون ضمنا بوضع القوات العراقية داخل الأراضي الكويتية.
ومنذ ذلك الحين زعم العراق بأنه قد تم التوصل إلى اتفاق غير مدون والذي كان في جوهره أسلوبا تنفيذيا أو أمرا واقعا واستمر هذا الوجود المؤقت للقوات العراقية حتى بعدما هدأت التهديدات الإيرانية ويبدو أن العراقيين أرادوا أن يحولوا الوضع القائم إلى وضع شرعي قانوني ودائم وبدأ العراقيون يقومون بأعمال وإنشاءات داخل الحدود الكويتية وزار بغداد آنذاك وفد كويتي عالي المستوى برئاسة الشيخ صباح الأحمد وزير الخارجية لتطويق محاولات التوسع العراقي ، ولكن دون نتيجة .

وعندما زار سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء بغداد خلال شهر مايو 1989م وبدأ سموه الحديث مع نظيره عزة إبراهيم عن موضوع ترسيم الحدود ، كان الرد كما أفاد إبراهيم ا لبحوه سفير الكويت لدى العراق آنذاك- شرسا وجافا. وكانت الادعاءات العراقية اكبر مما كان يتوقعه الجانب الكويتي .
ورفض الجانب العراقي الاعتراف بأن وربة جزيرة كويتية ، وطلب أن تتقاسم الكويت والعراق جزيرة بوبيان ، وان يكون للعراق قواعد وتسهيلات في الخليج وبالذات في جزيرة فيلكا ، وهاجمت الصحافة العراقية سموه هجوما قاسيا قرر معه قطع زيارته لبغداد والعودة فورا إلى الكويت لولا نجاح صدام حسين في إذابة هذا الجليد.
وانتهت الزيارة إلى مجاملات ولم تسفر عن شيء. وحاول الجانب الكويتي أن يضمن البيان المشترك الإشارة إلى دعم لجنة ترسيم الحدود (وليس تحديد الحدود) ولكن دون جدوى، وانتهى الأمر إلى عدم إصدار بيان مشترك واصدر كل جانب بيانا صحفيا على مسؤوليته . 
وفي زيارة للشيخ صباح الأحمد وزير الخارجية لبغداد في 1990/2/18م عرض عليه سعدون حمادي نائب رئيس الوزراء العراقي مقترحين، احدهما باسم (المقترح التعاوني) و الثاني باسم (المقترح الأمني) وكلاهما يتضمن أحكاما غير مقبولة وتمس سيادة دولة الكويت بصورة مباشرة. من ذلك ما تنص عليه المادة السادسة من المقترح التعاوني من أن قرارات مجلس الدفاع المشترك(الذي يتكون من وزراء الخارجية والدفاع للدولتين) يكون ملزما لهما. 
أما المقترح الأمني ، فيجعل من دولة الكويت مسرحا مفتوحا للعراق برا وبحرا وجوا ، أي انه يجعل من الكويت قاعدة عسكرية للعراق هذا بينما المعاهدة التي ابرمها العراق مع دولة البحرين كانت مجرد معاهدة عدم اعتداء بين الدولتين وقد رفض وزير الخارجية الكويتي هذين المقترحين مؤكدا انه لا يجوز دستوريا لسمو أمير الكويت ولا لوزير الخارجية التنازل عن الأرض وأضاف وزير الخارجية انه يتعهد ، بعد الانتهاء من ترسيم الحدود ، بالبحث في كل ما يسهل للعراق أمره فيما يتعلق بالبحر .

ولدى عودته إلى الكويت بعث وزير الخارجية الكويتي رسالة بتاريخ1990/3/17م إلى سعدون حمادي حملها إليه وكيل وزارة الخارجية الكويتية سليمان ماجد الشاهين جاء فيها : (إنني قد فوجئت بما قدمتموه لنا من مشروعي اتفاقيتين ذات مضامين أمنية ودفاعية كي تكون محور البحث بيننا .... فقضية ترسيم الحدود باعتبارها مسألة فنية ذات مدلول سياسي ليست بالتي تستحق منا على أهميتها- كل هذا التأجيل) ، وفي رسالة تالية بتاريخ1990/4/17م يذكر وزير الخارجية الكويتي : (انه ليسعدني أن التقي معكم بالكويت لنعمل سويا على تهيئة نهائية لموضوع ترسيم الحدود في إطار الاتفاقيات المعقودة بين بلدينا الشقيقين ، والذي بلا شك سيمهد الطريق لبحث العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك )
وفي رسالة جوابية لنائب رئيس الوزراء العراقي بتاريخ1990/4/30م، أصر ، وبعبارات جافة ، على أن مسألة الحدود بين العراق والكويت لم تكن في أي وقت من الأوقات مسألة فنية ، وان ما يسميه وزير الخارجية الكويتي باتفاق ليس له أي اثر قانوني أو واقعي، وقد طويت صفحته منذ وقت طويل ، وان الوضع في الواقع ومنذ تكوين الكويت والعراق في هذا القرن هو وضع بلدين متجاورين تجمعهما أواصر القربى الوثيقة لم يتوصلا حتى الآن إلى اتفاق حول تحديد حدودهما في البر والبحر ، و أن العراق يرغب في معالجة هذه القضية في إطار لا ينطلق من الأنانية القطرية بل من اعتبار شبر الأرض العراقي أو الكويت سواء كان في البر أو البحر جزء من الوطن العربي ، وان هاجس العراق أن يكون في وضع يستحقه تاريخيا وواقعيا يمكنه من الدفاع عن الأمن القومي في هذه المنطقة.
ولم يحسم موضوع ترسيم الحدود بين الكويت والعراق بصورة نهائية إلا بعد أن اصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقـــم687/1991م بضرورة حل مسألة الحدود بين البلدين من خلال لجنة دولية لترسيم الحدود مكونة من الكويت والعــــراق واندونيسيا والسويد ونيوزيلندا، وفــــــي1992/8/26م اعتمد مجلس الأمن بقراره رقم1992/773م تقرير لجنة ترسيم الحدود البرية بين الكويت والعراق، واعترف العراق بذلك رسميا في سنة1994م . 
والحق أن الكويت كانت تحاول دائما حل مسألة الحدود بالكثير من الحكمة والتعقل والأناة، متجنبة أسلوب الإثارة، ومع الحرص على الإبقاء على صلة حسن الجوار قائمة بما يسمح بالمزيد من التشاور وتبادل وجهات النظر، وكان رائد الكويت في ذلك كله إلا يتم حسم هذه المسألة على حساب استقلالها وسيادتها ووحدة أراضيها. ويظهر هذا التوجه من كتاب وزير الخارجية الكويتي المؤرخ 1990/3/17م الموجه إلى سعدون حمادي نائب رئيس الوزراء العراقي، فقد جاء به إن:«الكويت لا تتحرج أبدا من التطرق لأية قضية تهم بلدينا الشقيقين، بل تبدي كل الاستعداد للتعاون في كل ما من شأنه دعم امن واستقرار بلدينا، وهناك مجالات لا حدود لها للتعاون بين بلدينا سواء على المستوى الرسمي أو على ا لمستوى الشعبي متى تهيأت كافة الظروف الموضوعية لتحريرها من كافة المعوقات التي تحد من انطلاقها». 
وحتى بعد اشتعال الأزمة اعتبارا من1990/7/15م، كان رد الكويت في 1990/7/18م انه:«تأكيدا على حرص الكويت على إنهاء هذه المسألة الهامة مع العراق، وإيمانا من الكويت بسلامة موقفها وبما يمليه عليها انتماؤها القومي فإنها تحتكم لأمتها في اختيار لجنة عربية يتفق على أعضائها كي تقوم بالفصل في موضوع ترسيم الحدود على أسس من المعاهدات والوثائق القائمة بين الكويت والعراق». غير أن هذه المبادرة لم تجد لدى العراق-كما سبق القول- أذنا صاغية.

ثانيا- كيف تعاملت السلطة التنفيذية الكويتية مع التهديدات العراقية: 
يقول السيد راشد عبد العزيز الراشد، وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء في مايو1990م، وعضو الوفد الكويتي المشارك في قمة بغداد في هذا التاريخ : (لو أردنا الآن أن نضع ونحلل الصورة ونحلل الحركة لصدام ومن معه وأعوانه من المجتمعين لرأينا أن هناك فعلا مؤامرة تحاك ضد ليس باعتقادي الكويت، إنما الخليج، وهو استنفار من هؤلاء للاستحواذ على اكبر أموال ممكنة من خلال الضغط والتخويف السياسي...أنا خرجت بانطباع أن هناك مؤامرة علينا ..... وباعتقادي أن جميع من حضر هذا الاجتماع وباعتقادي انه يشاركني هذه المشاعر بأن هناك فعلا تجني على الكويت بالذات) ، ويضيف السيد راشد الراشد انه لم ينقل هذه المشاعر بصورة رسمية إلى سائر المسؤولين في الحكومة الكويتية، لأن وزير الخارجية الكويتية كان مشاركا في الاجتماعات ويعرف ما دار فيها، وليس مطلوبا منه، كوزير دولة لشؤون مجلس الوزراء، أن يكتب مذكرة لأي شخص كان . 
وبعد أن تصاعدت الأزمة ، أي بعد 1990/7/15م، توقع السيد ضاري عبد الله العثمان وزير العدل والشؤون القانونية آنذاك ، أن العراق يزمع القيام بعمل ما ضد الكويت ، فقد أفاد أمام اللجنة:«بعد أن أودعت المذكرة في مجلس جامعة الدول العربية فكان فيه اجتماع في ثاني يوم لمجلس الوزراء ، وتم استعراض المذكرة العراقية التي بها تحديد لعناصر معينة .
وكانت في قراءات متعددة للمذكرة. وكانت لي قراءتي الخاصة من خلال استعراض العبارات التي وردت في المذكرة. واذكر في ذلك الوقت بأن المذكرة هذه اعتقد أنها البداية لتحرك معين من النظام العراقي، والله يستر إلى أي مدى يريدون أن يصلوا في هذا التحرك ، وأنا اعتقد أن النظام العراقي يريد أن يلعب مع الكويت لعبة الذئب والحمل ، وهذه العبارة أتذكر أني قلتها .... الحقيقة إني أتكلم وأنا منزعج جدا ، واعتقد أن العراق يريد أن يقوم بعمل ما ضد الكويت ، وطبعا أنا استبعدت القضية ، قضية نزاع على الحدود أو نزاع على الجزر ، لكن كنت أتصور أن القضية اكبر من هذا ... إن القضية ليست قضية ما ورد في المذكرة أو قضية نفط ولا قضية مزارع ، القضية أن العراق يريد أن يلعب مع الكويت لعبة الذئب والحمل، فالذئب يريد أن يلتهم الحمل».

غير أن رؤية السيد ضاري العثمان لم تكن هي رؤية سائر المسؤولين في الحكومة الذين لم يتوقعوا الغزو ، أو أنهم لم يتوقعوا الاجتياح الكامل للكويت بل مجرد اختراق القوات العراقية للحدود واحتلال جزيرتي وربة وبوبيان وجزءا من الساحل الشمالي، أما ما حدث في1990/8/2م فقد كان خارج نطاق التوقع لدى المسؤولين : 
1- فقد أفاد الشيخ صباح الأحمد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية انه : (يعني ما كنت يوم من الأيام أتصور أن العراق بده يعمل بغض النظر عن أي مذكرة حصلت ، لكن قلت يمكن يحصل بوبيان ووربة يحتلها، ولكن أن يصل أن يحتل بلدا بكاملها ، واللي ما حطيتها في ذهني ، فكذلك قد يكون أنا بتصوري غلط ، لكن هذا كان إحساسي ، إحساسي مو ان يسوي شيء ، يسوي ممكن ما مو سيصل الى الكويت ،
انه يدخل رأسا إلى الكويت ويضمها التاسعة عشر بالسرعة بهذا الشكل ، لا كنا متوقعين يدخل3 كيلو يأخذ النفط مال الرتقة، يأخذ الجزيرة مالت وربة وبوبيان، ينزل فيها، كل هذا كنت متوقعه، لكن ما توقعت يوم من الأيام ان يصل الى الكويت.... لكن ما كنا يوم من الأيام افكر في ان العراق سيصل الى هذاالحد؟
1- وعندما سئل السيد عبد الرحمن العوضي وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء آنذاك عما إذا كان مجلس الوزراء قد عقد جلسة تساءل فيها الأعضاء عن مبررات الحشود العسكرية ، أجاب : (تساءلنا ، وتناقشنا بشكل تفصيلي يوم الأحد لدرجة ما كنا نعتقد أن هذا سوف يهاجم ، هناك تساؤل لكن استبعد انه يهاجم ، أن هذا من ضمن تهديدات صدام العادية لنا .
بدأها بخطاب ، وبالتالي ما كان نتوقع انه يهجم ... للضغط عليها) . 
3- يقول السيد علي الخليفة العذبي وزير المالية آنذاك : (السياسة الكويتية من الستينات بنيت على حسن النية بالنسبة للعراق) . 
4- يقول السيد محمد أبو الحسن المندوب الدائم للكويت لدى الأمم المتحدة : (العلاقات كانت بين الكويت والعراق متكاملة وجيدة جدا ... لم يدر بالخلد على الإطلاق أن سوف نواجه بهذا التطور) . 
5- أفاد السيد حمد الرومي وكيل وزارة الإعلام آنذاك انه : )لم يكن في ذهننا انه راح يصير غزو في الصورة هذه ، نتكلم بصراحة، وأي مواطن لا يمكن أن يفكر في احتلال للجزر أو منطقة بترولية ، هذا كان متوقع ، أما بالنسبة لاحتلال الكويت ، فهذا لم يكن الواحد في خلده).

أكد كل ذلك ما ذكره سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء أمام اللجنة : «أنا راح أقول لك الانطباع اللي كان عندي أنا .
انه إذا حصل هجوم عراقي فقط فيكون محدود في أماكن معينة بأحد حقول نفط في الرتقة .
يزيد ويحتل جزيرة بوبيان إنما ما تصورت في بالي بأنه سيحتل الكويت .
وأنا قلت أكثر شيء هو بيعمله انه يعسكر هناك ويساوم» ، «إحنا كل الانطباع عندنا انه نوع من حرب الأعصاب والنرفزة للكويت».
ويضيف سموه انه عندما بلغه نبأ اختراق القوات العراقية الحدود الكويتية من قبل وزير الدفاع(الشيخ نواف) ، اتجه إلى غرفة العمليات، وظل الحاضرون في هذا الاجتماع يتابعون (عن طريق الأجهزة سير القوات العراقية سرعة دخول القوات العراقية تعدت النقاط التي كنت أنا أتوقع أن يتوقفوا عندها وعندما وصلت قالوا إن القوات العراقية متجهة الى الجهراء قلت ترى المكان هذا ساقط ننتقل الآن إلى مقر الدفاع الجوي أو نروح قصر الشعب.

ويرجع عدم توقع الغزو من قبل الحكومة في الكويت إلى المعطيات التالية : 
1- العلاقات الطيبة -كما كانت تراها السلطة التنفيذية - بين الكويت والعراق حتى1990/7/15م ومن ابرز مظاهرها الحفاوة البالغة التي استقبل بها سمو أمير البلاد عندما زار بغداد في شهر سبتمبر1989م حيث صدر مرسوم جمهوري في1989/9/23م بمنحه وسام الرافدين من الدرجة الأولى . 
2- اعتقاد المسؤولين في الكويت أن العراق لن ينسى للكويت مواقفها معه طيلة الحرب العراقية الإيرانية ودعمه الكامل للعراق ماديا وسياسيا وإعلاميا واقتصاديا ، فقد كانت الكويت تتبنى دائما مواقف ووجهات النظر العراقية وتدفع عنها ولعل هذا الاعتقاد كان وراء زيارة سمو ولي العهد لبغداد في شهر مايو 1989م مؤملا حسم الخلافات الحدودية بين البلدين وهي الزيارة التي لم تسفر عن أي نتيجة ايجابية . 
3- اعتقاد المسؤولين أن الوجود العسكري في جنوب العراق أمر طبيعي في ذيول الحرب العراقية الإيرانية التي توقفت في1988/8/8 م والشكوك القائمة بين البلدين ، ولا سيما أن أكثر العمليات العسكرية بين العراق وإيران كانت في جنوب العراق . 
4- عدم تصور قيام العراق باجتياح الكويت في ظل العلاقات العراقية الكويتية قبل1990/7/15م وفي ظل المعادلات الدولية في المنطقة . 
5- التأكيدات العربية بأن العراق لن يقوم بأي عمل عسكري ضد الكويت ففي زيارة للسيد عبد الرحمن العوضي مبعوث سمو الأمير إلى اليمن قابل في 1990/7/22م الرئيس علي صالح الذي اتصل بصدام حسين (من غرفة مجاورة) وعاد واخبر السيد عبد الرحمن العوضي انه تحدث هاتفيا مع الرئيس صدام حسين الذي نفى وجود حشود عراقية أو تحركات عسكرية غير عادية من جانب العراق على حدوده مع الكويت وانه (أي صدام حسين) يدعو الرئيس علي صالح إلى الطيران على طول الحدود العراقية الكويتية ليتأكد بنفسه من عدم وجود أي حشود .

وفي 1990/7/24م حضر إلى الكويت الرئيس حسني مبارك قادما من بغداد ليؤكد ما تعهد به صدام حسين من عدم استخدام القوة العسكرية وفي 26/7/1990م حضر إلى الكويت السيد/ أسامة الباز مدير مكتب الرئيس المصري للشؤون السياسية قادما من بغداد ليؤكد المعنى ذاته وفي 27/7/1990م وصل إلى الكويت الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي وكان قد سافر إلى بغداد بتكليف من جلالة الملك فهد وقابل صدام حسين ثم حضر إلى الكويت ليؤكد للمسئولين أنه حصل على تأكيدات من صدام حسين شخصيًا بأن التحركات العسكرية العراقية أمر عادي وأنه ليس للكويت أن تخشى شيئا، ونقل إلى الكويت طلب الملك فهد بألا تقدم الكويت على عمل فيه استفزاز للعراق . 
وللغرض ذاته حضر إلى الكويت في 28/7/1990م السيد ياسر عرفات وفي 30/7/1990م حضر السيد الشاذلي القليبي الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى الكويت وفي 30/7/1990م وصل الملك حسين قادمًا من بغداد وقد ذكر سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء أمام اللجنة أن التطمينات السعودية والمصرية كانت تشير إلى أن ما يقوم به العراق هو مجرد مناورات على حدوده وأكد الحديث التلفوني الذي أشار إليه الدكتور عبدالرحمن العوضي أن الرئيس علي صالح أخبره هاتفيا بأنه اتصل بصدام حسين الذي طمأنه بأنه لا يوجد شيء غير عادي . 
6- كما أن موافقة العراق على حضور اجتماع جدة الذي كان بمبادرة وبعد اتصالات مباشرة مع جلالة الملك فهد أضفى جوا من التفاؤل حيث اتفق على عقد الاجتماع الثاني في بغداد في وقت لاحق ، يليه اجتماع ثالث في الكويت . 
وعدم توقع الحكومة الكويتية لعمل مسلح من جانب العراق يصل إلى حد الاجتياح العسكري الشامل ، دعاها إلى الاعتقاد بأنها أزمة سياسية طارئة ، مثل أزمة الصامتة، لا تدعو إلى الكثير من القلق ، ويمكن أن تعالج كسابقتها عن طريق الوساطات العربية ، فاختارت الحل الدبلوماسي داخل البيت العربي : 
1- فأخطرت الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة بالرسالة الجوابية لوزير الخارجية الكويتي ردا على مذكرة العراق إلى جامعة الدول العربية في 15/7/1990م وطلبت توزيع تلك الرسالة كوثيقة من وثائق الأمم المتحدة ووجهت رسالة مماثلة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي ذلك كله دون أن تطلب اتخاذ أي إجراء .
2- واقترحت لجنة عربية لحسم الخلافات بين العراق والكويت في ضوء الاتفاقات السابقة بينهما .
3- واجتمع وكيل وزارة الخارجية الكويتي بسفراء جميع الدول لدى الكويت (وليس فقط الدول الأعضاء في مجلس الأمن) لإحاطتهم علما بفحوى المذكرة العراقية .
4- وأوفد سمو الأمير ثلاثة مبعوثين للدول العربية لشرح موقف الكويت :
ضاري العثمان إلى : موريتانيا ، المغرب ، الجزائر ، تونس
عبدالرحمن العوضي إلى : مصر ، الأردن ، سوريا ، السودان ، الصومال ، جيبوتي ، اليمن
الشيخ صباح الأحمد إلى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. 
5- وفي اجتماع جدة اقترح سمو ولي العهد أن يذهب وزيرا داخلية البلدين لمعاينة الحدود ولفحص الإدعاءات العراقية حول تجاوزات الكويت لحدودها مع العراق .

كل ذلك مع تفادي أي إجراء أو عمل قد يفسر بأنه استفزاز للعراق ، حتى أن ممثلي المؤسسات الإعلامية العربية والأجنبية الذين حضروا إلى الكويت قبيل مغادرة سمو ولي العهد إلى اجتماع جدة ، رغبوا في زيارة منطقة حقل الرميلة ، ووافق وزيرا الإعلام والداخلية على ذلك ، ورفضت وزارة الدفاع حتى لا يفسر تواجد الإعلاميين في منطقة الرتقة بجانب حقل الرميلة بأنه تصعيد للموقف وممارسات استفزازية من الجانب الكويتي بحق الجانب العراقي. 
فالحكومة الكويتية واجهت الأزمة من محاور أربعة : 
1- عدم توقع العمل العسكري أو بالأقل عدم توقع الاجتياح الكامل للكويت.
2-  محاولة حل الأزمة بالطريق الدبلوماسي .
3- عدم تدويل الأزمة خارج النطاق العربي .
4- تجنب أي عمل استفزازي قد يعرقل الطريق . الدبلوماسي.

وسارت الحكومة الكويتية في طريق العمل الدبلوماسي إلى آخر مداه ، واستسلمت للتطمينات العربية ، واستسلمت للنفي العراقي عن حقيقة نواياه من ذلك ما صرح به مصدر عراقي في 26/7/1990م، في رده على ما ذكر عن وجود حشود عراقية في منطقة البصرة والزبير ، من أن العراق ما زال في حالة حرب مع إيران وأن ما أسمته أجهزة الإعلام الأجنبية لا يخرج عن كونه تحركات روتينية للفيلق السابع الذي تتركز قيادته في أم قصر منذ بداية الحرب العراقية الإيرانية. 
ثم كان اجتماع جدة في يومي الثلاثاء والأربعاء 31/7 ، 1/8/1990م وكان الوفد العراقي برئاسة عزة إبراهيم نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقي ، بينما كان الوفد الكويتي برئاسة سمو ولي العهد الشيخ سعد الله السالم، يرافق سموه عدد من الوزراء وعدد من المسؤولين بوزارات الخارجية والدفاع والداخلية والعدل والنفط أي أن الوفد الكويتي كان ، على خلاف الوفد العراقي وفدا سياسيا وفنيا في الوقت ذاته .
وذهب الشيخ سعد إلى هذا الاجتماع بنية صافية وصرح عند وصوله إلى جدة : «إننا نتطلع بقلب مفتوح إلى لقاء أخي نائب رئيس مجلس الثورة العراقي، مؤكدًا حرص الكويت على المشاركة الإيجابية في هذا اللقاء الذي أعرب عن الأمل في أن يشكل الخطوط الأساسية نحو التوصل إلى حل نهائي وعادل لكافة المشكلات والقضايا المعلقة بين البلدين الشقيقين.
وفي الجلسة الافتتاحية وبعد كلمات المجاملة اتضح أنه ليس لدى عزة إبراهيم أي جديد يقدمه سوى أنه قد حضر إلى الاجتماع استجابة لدعوة جلالة الملك فهد، وأن أي مناقشات يمكن أن تستكمل في بغداد وتلت الجلسة الافتتاحية جلسة مغلقة اقتصرت على رئيسي الوفدين ، ولم تسفر هذه الجلسة المغلقة عن أي نتائج وألح سمو ولي العهد على عقد جلسة ثانية أو القيام بزيارة رئيس الوفد العراقي بجناحه الخاص، وتم ذلك فعلا. 
غير أن رئيس الوفد العراقي تعلل بالمرض وعدم القدرة على مواصلة الاجتماع مرددا نفس ما سبق أن قاله من أنه إنما حضر إلى جدة استجابة لدعوة جلالة الملك فهد. واقترح سمو ولي العهد أن يذهبا معا لتلبية دعوة العشاء الذي أقامه جلالة الملك فهد. وساد اللقاء الجانبي بحضور الملك فهد جوا طيبا، ولكن بلا شك كان بالأنفس الشيء الكثير مما لم تفصح عنه المظاهر الخارجية.
وفي أثناء ذلك رفض الجانب العراقي اقتراح سمو ولي العهد بأن ينتقل وزيرا داخلية البلدين لمعاينة الحدود على الطبيعة للتحقق من عدم وجود أي تجاوزات كويتية بإقامة مزارع أو منشآت عسكرية كما يدعى الجانب العراقي. وأصر على أن يكون الاجتماع بروتوكوليا يعقبه اجتماع في بغداد كما اقترح عقد اجتماع يضم جلالة الملك فهد والرئيس حسني مبارك وصدام حسين دون ذكر لسمو أمير الكويت، وهو ما رفضه الجانب الكويتي رفضا قاطعا، كما رفض الجانب العراقي اقتراح وفد الكويت إصدار بيان مشترك بأن يتم اجتماع في بغداد يليه اجتماع في الكويت.

وفي صباح الأربعاء 1/8/1990م غادر موكب عزة إبراهيم جدة متوجها إلى المدينة المنورة دون أن يسمع رد الجانب الكويتي بالرفض القاطع للاجتماع الثلاثي المقترح والذي يغيب عنه صاحب القضية، وهو سمو أمير الكويت، وفي مساء اليوم ذاته عاد الوفد الكويتي إلى الكويت .
يراجع : «صفحات ما قبل العدوان»، ملاحظات من إعداد سليمان ماجد الشاهين وكيل وزارة الخارجية، ألقيت في ندوة المعلومات والأمن بوزارة الإعلام بتاريخ 4/8/1992م) .
ويذكر سمو ولي العهد أنه في جدة في مساء يوم الأربعاء 1/8/1990م وأثناء توجهه بالسيارة للعشاء بناء على دعوة جلالة الملك فهد قال لرئيس الوفد العراقي (عزت إبراهيم) وكان يرافقه في السيارة أنه بعد الاجتماع الثاني في بغداد سيكون الاجتماع الثالث في الكويت فأجابه عزت إبراهيم (ما أحد قال لنا نشوف القيادة) وأضاف سموه أنه بعد تناول العشاء اجتمع مع جلالة الملك فهد وسمو الأمير عبدالله على انفراد وأخبرهما أنه كل ما فهمه هو أن الوفد العراقي جاء إلى جدة (ليقول كلمتين وبس) .

في ليلة 2/8/1990م كان الغزو العراقي الآثم لأرض الكويت وعاصر اختيار البديل الدبلوماسي، استبعاد البديل العسكري تماما ، محليا وخليجيا وعربيا ودوليا ، فلم يستنفر الجيش ، ولم يتخذ مواقف دفاعية، ولم يخرج من الثكنات، ولم تتم أي توعية جماهيرية لاحتمالات حرب وشيكة الوقوع
وفي حديث للفريق المتقاعد/ جابر الخالد الذي كان رئيس الأركان العامة للجيش الكويتي لجريدة الوطن (العدد 6854 بتاريخ 12/3/1995م) ذكر أن : «كلمة انهيار غير مقبولة بحق الجيش الكويتي ، لأنه لم يكن في حالة استعداد حتى يمكن أن تنطبق عليه أي درجة من درجات الانكسار أو الانهيار فالقوات المسلحة لم تستلم أوامر القتال إلا في عشية الغزو في الثاني من أغسطس 1990م وتحديدًا في الساعة 2.30 مساء صباحًا).
وبإضافة الوقت اللازم للتعميم على الوحدات ، وهو في حدود 30 دقيقة ، كانت أوامر القتال الفعلية في متناول الوحدات العسكرية المختلفة في حدود الساعة الثالثة صباحا ولذلك لا يمكن أن نقيس ما حدث لقواتنا بمصطلحات مثل الهزيمة والانهيار فهذه يمكن إطلاقها على قوات مسلحة اتخذت درجات استعدادها القتالي وقامت بالانفتاح لمواجهة العدو .. وكقيادة عسكرية أتحمل مسؤوليتي بما حدث في الثاني من أغسطس ولكن هناك حدود للمسؤوليات ويقودنا الأمر بالضرورة للحديث عن القرار السياسي فيما حدث ولست هنا في معرض الحديث عما كان يدور في أذهان القيادة السياسية في ذلك الوقت ولكن لظروف إطلاعي على تطورات الموقف فإنني لا أستطيع أن أعزل تأثير تلك التطمينات التي وردت للقيادة السياسية من جهات مختلفة تجمعها بالكويت أوثق الأواصر ، حيث أكدت جميعها عدم تطور الموقف إلى غزو ، وتم الطلب من القيادة السياسية بعدم تحريك الموقف ، وقدمت شبه ضمانات بعدم احتمال الاعتداء العسكري على الكويت ، وما حدث كان منطقيا بالنظر للخدعة السياسية التي مارسها النظام العراقي على جميع من توسطوا بالأزمة وذلك كله في الوقت الذي بلغ فيه حجم الحشود العراقية على الحدود الكويتية (في 30/7/1990م) 100 ألف مقاتل، 300 دبابة ، 300 قطعة من المدفعية الثقيلة وانبنى استبعاد الخيار العسكري على المعطيات التالية :

1- المواجهة العسكرية مع العراق لم تكن ممكنة ، بالنظر إلى محدودية إمكانات الجيش الكويتي الذي لم يجاوز عشية الغزو ثمانية آلاف مقاتل ، فالمواجهة كانت عملية انتحارية لا جدوى منها وقد ذكر سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء أنه من حسن الحظ أن القوات الكويتية لم تشتبك مع القوات العراقية أن هذه الأخيرة بإمكانها تصفية جميع القوات المسلحة الكويتية والالتفات بعد ذلك إلى الكويت ذاتها 
2- لم تكن هناك  في ذلك الوقت أي اتفاقية أمنية بين الكويت وأي دولة أخرى ، ذلك أن اتفاقية 19/6/1961م بين الكويت وبريطانيا قد ألغيت سنة 1971م ، وكانت اتفاقية 19/61م تنص على أن : («ج» - عندما يكون ذلك مناسبا فإن الحكومتين ستتشاوران مع بعضهما في الأمور التي تهم البلدين. «د» - لا شيء في هذه النتائج سيؤثر على استعداد حكومة صاحبة الجلالة في مساعدة حكومة الكويت إذا طلبت حكومة الكويت مثل هذه المساعدة)
3- لو أن الكويت استعانت بقوات أجنبية ، لما كان من الممكن جلب هذه القوات ووضعها في الموقع الملائم في الوقت المناسب بالنظر إلى ضخامة القوات العراقية التي كانت محتشدة على الحدود العراقية الكويتية
4- الأفكار التي كانت تعيشها الكويت آنذاك حكومة وشعبا (الأمة العربية ، القومية العربية ، عدم الانحياز) والتي كانت تتعارض مع الاتجاه نحو السعي إلى طلب دعم عسكري خارجي، وبصورة خاصة الدعم العسكري غير العربي
5- الخشية من استثارة النظام العراقي والرغبة في عدم إعطائه الذريعة للقيام بأي عمل عسكري 
6- الرغبة في إعطاء الفرصة للحل الدبلوماسي للأزمة ، وفي الحفاظ على علاقات الكويت بالدول العربية الصديقة التي تساند هذا التحرك السلمي وتضغط على الكويت للقبول به، وبعبارة أخرى التخوف من أن تجد الكويت نفسها وقد انعزلت عن سائر الدول العربية والخليجية 
7- عدم فعالية اتفاقية الدفاع العربي المشترك في نطاق جامعة الدول العربية ، وضعف هذه الجامعة ذاتها وتراخي التعاون بين أعضائها على خلاف الحال سنة 1961م أثناء أزمة عبدالكريم قاسم
فقد جاء في أقوال الشيخ صباح الأحمد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية : « والله مالنا بد من هذا أي الأسلوب العربي الدبلوماسي ما في خيار لك أكثر من هذا .... يعني قد يكون كانت نياتنا حسنة صحيح عندنا السلاح موجود لكن سلاحنا كله في المراكز ما طلعوه برة بناء على تعليمات الإخوان كلهم مصر والسعودية والأردن أرجوكم أن لا تعملوا استنفار بالجيش .
منقول من الكويت ثم الكويت http://q8-2009.blogspot.com.eg/2013/08/1.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق